طالمَا نبحث عَن مُرشِدِها، سنتفتحُ بأننا نحنُ مَنبعُها

نتأرجح بين تقلبات وأهواء أنفسنا ونتهم بها الحياة، تارة نضحك ونفرح فنرى الجمال، وتارة نبكي ونحزن ونرى القبح، وكأننا قواربٌ تتمايل على أمواج بحرٍ هائج، ألا يمكن أن يكون ليس هناك شيئًا قبيحًا في الأساس، أم أن دموع أعيننا هي التي تُلون العالم بألوان الحزن كي نراه؟ وإن كانت الحياة هي المتقلبة لكان الناس أجمع سعداء أو حزناء، وإن كان كذلك ففي الحزن حتى الأرض ستحزن معنا من حزنها علينا؛ على ضيوفها.

إنما في الحياة نجد الفرح والغم، ونجد الأمل واليأس، ونجد الحب والكره…، وهكذا تستمر الحياة بهذا المزيج المُثير المتناغم، فاليوم في ضباب وغدًا في صفاء، فانتظر، ستتذوق كل شيء.

أحيانًا نجلس ونحن حَزانى، ولا نجد له سببًا في حاضرنا، ألا يمكن أن يكون السبب هو الماضي؟
نفعل أمرًا ونندم عليه، وتبدأ دائرة “لو لم أفعل كذا لما كان حصل كذا وكذا”، ما أبغضك يا “لو”! ألا تكفين عن التعليق في الماضي وهو فائت لا أمل لإعادته؟ فما قيمة الندب والتمني والحزن حينها؟
لن يشفق علينا الماضي مهما فعلنا، فيجدر بنا أن نرى لما بين أيدينا الآن، ونستعمله كما كنا نتمنى استعمال الماضي، وإلا سيكون مصيره كذلك البائد وسنستمر في هذه الدائرة البائسة دون سبيل للخروج منها. أحيانًا نضخم من أحوالنا مع أنه يوجد من هو أجدر منا بالحزن، بيْد أنّنا نجدهم لا يبدون ذلك، بل يتحملون ذلك، أليس نحن أوْلى منهم بتحمل ذلك؟

غالبًا ما نفكر في الماضي أو نقلق من المستقبل ولا ندرك حاضرنا، فمذ زمنٌ طويل لم ننظر لما حولنا ونرى ما يحدث جيدًا، تجري الأحداث ونحن نجري معها لنصل إلى المستقبل بسرعة، الآن: هدأ نفسك قليلًا، خذ نفسًا عميقًا، كرر ذلك مرة أخرى، أنظر لما يحيط بك، هل أنت حقًا هناك، أم جسمك فقط موجود وعقلك يترجرج بين الماضي والمستقبل، أنظر جيدًا، ما هو الشيء الذي تجلس عليه، ما لون الضوء من فوقك، ماذا ترتدي، ماذا تأكل، من الممكن أن تكون ظمآن، خذ كوبًا من الماء، تمعن جيدًا فيما يحدث من حولك الآن، لا تؤجل ذلك، تمعن الآن.

أحمد الله على النعم التي لديك الآن، فالآن ليس وقت الندم على نعمة فائتة، وإلا ستفوتك النعم الحالية، ألا يكفِ ما لديك الآن أن يسعدك؟
إذْ لم يكفِك فلن يكفيك شيئًا أبدًا، أبدًا. لعل عيش الحاضر أصبح صعبًا في هذا العصر السريع، بيْد أنّ من الأجدر أن نحاول العيش فيه، ففي ظل غيابنا عن اليوم أين نحن؟

تسارع الأحداث كالسيارة السريعة تحجب عنا رؤية ما يحيطنا وأبرزت لنا رؤية ما أمامنا فقط، مع هذا العمي عن واقعنا لا زلنا نفوت أشياء جميلة، أشياء تسعدنا أكثر مما نتخيل، أشياء أبسط مما نتوقع، غير أننا نبحث عن السعادة في الأشياء المعقدة والصعبة ونترك هذه البُسُط، ألا أننا نبحث عن المشقة لأنفسنا ومن ثم نشتكي؟ هل من عاقل يفعل ذلك؟

فالأشياء البسيطة كزراعة الزهور في الربيع، وشرب كوبًا من الحليب الساخن مع الشوكولاته الجميلة مع القليل من قطع البسكويت، وسماع زقزقة العصافير في الصباح، ورؤية شروق الشمس، وسماع دقات الساعة وهي تقول تيك تاك، وحمام دافئ جميل يجعل ذهنك في أصفى حال، والخروج للتسوق أو الخروج لنزهة على الشاطئ، تكتب نسيم البحر ذي الزجير، وتقرأه على كل مرير، بل تلك القراءة هي الابتسامة نفسها، والمشي بين الأشجار الجميلة الخضراء صباحًا والناس نيام، وهي تلوّح وترفرف بنسمة الهواء الهامِدة مُرحِبة بالمُرحَب، مُرحِبة بك أنت، وكأن النسائم والرياح تأتي كي ترفرف الأشجار لنا؛ لنرى جمالها وروائعها، ذلك الهدوء السائد بينها، وبين أوراقها؛ الذي يكاد يجعلك تسمع أفكارك، ومشاهدة مسلسك أو برنامجك المفضل مع كوب قهوة، واللعب مع الصغار أو شراء هدية لهم، ورؤية النجوم التي تتلألأ في السماء ليلًا، تختار منها المضيء وتقول: “هذه لي”، وتعدها إنك ستأتي لرؤيتها عن قريب، ومساعدة الناس والبعد عن الحقد والحسد والنوايا الذميمة، والحديث مع العائلة والأصدقاء، كل ذلك يبعثُ فينا سعادة أكبر من التي نتمناها، أليست السعادة بجانبنا تنادينا؟

عقلنا يتراجع عنا بمسافات طويلة، طويلة لدرجة أن يصل إلى مولدنا فيرتد حتى يبلغ سنوات لا نكاد نعيشها فيسبقُنا، لا يتوقف عن ذلك، عن تخويفنا بالمستقبل وجعلنا نفكر فيه وكأنه حاضرنا، لن تنفعنا كلمة “لا تقلق”، تقبل خوفنا وقلقنا أجدى من هروبنا منهما، إن نتقبل كل ما يأتي به القدر، لا داعٍ لخوفنا ما دمنا نتوكل على الله -سبحانه-، لا داعي ما دام ربنا معنا في كل وقت ومقر، فإذا مسنا الهم والزعج نلتجأ إليه وحده، وإذا أتى ما نخاف منه ندعوه هو وحده، وإذا انكشف عنا الشر نحمده على كشف الشر وحده، ألا أننا في مأمن تحت حماية رب الخلق وحده؟
فاللهم نعوذ بك من الهم والغم والحزن. ولنجعل أنفسنا أَمْرانٌ لا يكسرنا مهما حصل، لا أصلاب يكسرنا الضعيف الهزل. إن كان قلقك عن شيء عاشه غيرك، حاول الحصول على النصائح منهم فيه، ابحث عما حصل لغيرك، وغير وحاول إن كان بمقدورك ذلك، أما غيره الذي لا يد لك فيه، فهل سينفع أم يفيد فيه القلق؟
فهناك مُسير وهناك مُخير.


ألا زلت تقرأ كل تلك الكلمات المؤلمة؟
حسنًا، مهما كنت تفعل الآن؟ وفي الغالب تقرأ، قُم وعِش ما تريد، جرب ذلك الذي يقال بأنه مستحيل، تنفس بهدوء فقد أهلكت جسمك بهرولتك. تذكر بأن لديك أحلامًا وأهدافًا تسعى إليها، أحلام أكمَنَها الحزن، وقبل ذلك تذكر بأن لدينا جنة تريد السعي كي نبلغها، فعلينا أن نسعى سعيَها.

اضحك وابتسم وتذوق ما شئت، ففي النهاية الدراسة ستنتهي، وستحصل على المقابل من العمل، والهم سيزول، قُم من مكانك، انظر إلى الناس والمدن والأشجار والسماء والقمر، تأمل في الطبيعة، عُد لهواياتك التي تركتها منذ سنوات لا بد إنها اشتاقت إليك، مارس بعد التمارين الرياضية التي لا زلت تؤجلها يومًا بعد يوم، ضع تلك العلامات لإتمامك للمهام؛ فهي تزيد من سعادتنا أكثر وأكثر. لا ريب أن إخراج السعادة من أنفسنا يتطلب منا عزمًا وتغيرًا في أنفسنا، إذًا لنغيرها كي يتغير حالنا. تلك هي طبائعنا، الحزن والفرح من مشاعرنا، ولكننا نريد الفرح والبهجة والسرور؛ لأننا نريد الأفضل، وذلك أيضًا من طبائعنا، “لدي الأخضر واليابس” أرض الحياة تقول، ونحن نتذبذب بين تلك الفصول.

ستتبدل الأحوال، ويصبح اليابس أخضرًا، وتزدهر الحياة، وستأتي تلك الأجواء المفعمة بالفرح، سنصل بسعينا إلى أحلام كنا نتمناها، لم نتخيل أننا سنصلها أبدًا، تلك الأيام ستبقى كالنور في ذاكرتنا، وكأن شمسها غير شمس غيرها، سترن السعادة بعد حزن كالتنوين في آخر الكلمة، وستمر لا خيار آخر لها. ستأتي وتهب كنسيم البحر، ستأتي وتسمع أصواتها وهي تقهقه كالعصفور وهو يغرد ويزقزق، ستأتي كشروق شمس على كهف مُعسعس، وأنت البحر والعصفور والشمس والمُسبِب، منك النسيم والتغريد والشروق والمُسبَب.

وتذكر أن التنوين في آخر الكلمة وليس آخر الجملة، فلا زال يوجد كلمات بعدها، ولا زال يوجد تنوين، سيستمر ذلك إلى آخر الجملة وتنتهي بالسكون، والموت هو السكون.

عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «أكثروا ذكر هاذم اللذات؛ فما ذكره عبد قط وهو في ضيق، إلا وسعه عليه، ولا ذكره وهو في سعة، إلا ضيقه عليه».

هاذم اللذات أي الموت.

شباب ضائع، وطفولة، وامتحانات ليس وقتها، وسعيد عيد

لا تركزوا كثيرًا في تفاصيل الصور؛ لأنها بالذكاء الاصطناعي. من المفترض أن تعبر عن مجتمع سيء.

هل هناك أحد معجب بحال شباب العرب اليوم؟
الألفاظ الجميلة العذبة، والأخلاق التي أقرب ما تصف بالحميدة، والسلوك الظاهر الدال على التربية الصحيحة، تلك النيات الطيبة، جمال الروح، وحسن الظن، والصدق الذي كاد يخجل أمامهم؛ لأنهم فاقوا الصدق درجات عدة، برّهم بالوالدين، اقترابهم من الدين والعبادة الذي فاجأ العصور الإسلامية السابقة؛ كل ذلك لا نجده في شبابنا اليوم إلا قلة ناجية، ناجية من كيد أعداء الإسلام الذين هم كالأزهار السامة، جميلة الرائحة، والألوان الزاهية، لا تحتاج إلى أن تنجذب إليك، بل يكفي أن تجذبك لتدخلك في رائحتها السامة، وعالمها القذر، وبعد أن تنظر فيها بعناية ترى أنه يوجد تحتها قمامة، فلو رأيت تلك القمامة ما اقتربت منها، ولكن لن تستطيع رؤيتها ما دمت سارحًا في جمال الأزهار القبيحة.

بعد كل هذه المقدمة الطويلة، أن كنت لا ترى نفسك من هؤلاء، حاول أن تبني جدارًا حولك؛ لحماية نفسك.
ما يعجبني هو أن خطة الإفساد معدة بشكل متكامل وجميل، من فساد الإنترنت (تيك توك خاصة) إلى الأفلام الفاسدة إلى جرائم كبرى وكبرى، وذلك بالتدريج من الطفولة إلى المراهقة إلى الشباب والنضج الذي هو اسم على غير مسمى.

أمة الأخلاق أين ذهبت؟ لماذا شبابنا ضائع؟
أدري بأنه كلام لن يغير أحدًا، ولكن نحن في أزمة أخلاقية كبيرة، الجهل بدأ يسود بين الشباب، فإن نصحت يضحكون وما هي بنصيحة إنما نهي عن منكر ولكن بدت عندهم نصيحة، فاختلطت عندهم الأمور، أهكذا تقضون حياتكم؟ تلعبون وتمرحون؟ أغراكم الصغر أم ماذا؟ ألهذه الدرجة أصبح التافه معروف مشهور والصالح الناصح مدفون؟
أصبح يجركم التيك توك، والشيطان يدفعكم كما تُدفع الحمير، الهدف عندكم أصبح متعة الدنيا والله -سبحانه- قال: ﴿فَمَا مَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا فِي الْآخِرَةِ إِلَّا قَلِيلٌ﴾، أصبح عندكم الصلاة والصيام وباقي العبادات والبعد عن الحرام أشياء عادية سواء فعلتونها أم لا، حتى الصالح مدد أرجله وأصبح “طالح”، لمن أكتب لمن؟؟! فلن يقرأ ما أكتبه أحدًا من أولئك؛ لأنهم لا يعرفون شيئًا اسمه القراءة، فلا نريد شبابًا كهذا يعود، وليته لا يعود يومًا، فالجيد صعب بناءه وسهل هدمه، بينما السيء سهل بناءه وصعب هدمه.

متاع الدنيا قليل مهما كثر، صغير مهما كبر، فكيف لعاقل أن يؤثر القليل على الكثير، والصغير على الكبير؟

كتاب: هدايات القرآن الكريم

العائلة إما أن تكون ضحية سابقة، أو غير عالمة بالمكائد الخفية، وفي الحالتين هي من أهم عوامل نجاح العملية الإفسادية، إلى جانب كل الجوانب الإيجابية في العائلة إلا أنها قد تكون هي مهلكة الشخص، ومحبطته، فقد تكون هي سبب كرهه في الحياة، العائلة لا تكون دائمًا عائلة مثالية ذات الصورة الداعمة المحببة، أما العامل الخفي: المؤسسات التعليمية التي هي اسم على غير مسمى.

”تحطم لصورة الأب التاريخية، فلم يعد الأب الشخص القوي والملهم لصغاره، بل قل احترامهم له وأصبح الأبناء خارج السيطرة الأبوية ليكون الشارع هو الحاضن والمربي“

شخص ما

خُلقنا من تراب ومن فطرتنا نحب اللعب بالتراب، أن نصب عليه الماء، ونقول: كاكاو، من يريد الشرب؟
شكله مغرٍ بالرغوة البيضاء التي على وجهه، نأخذ من الطين ونشكل ونعجن، تارة نزيد كمية الماء، وتارة نزيد من التراب الجاف، ونضع التراب على رؤوسنا، ونمشي عليه حافيين الأقدام.

الآن: الأم لا طاقة لها بالطفل فتعطيه الهاتف ليلعب به، تتطور الأحداث ويريد الطفل فتح الهاتف، ويزداد إزعاجه وتفتح له أغاني الأطفال المزعجة المفسِدة، ويسرح ويمرح معها، أمن بداية خلق الطفل تعودونه ما هو حرام يا أمة محمد؟
يكبر الطفل، يبدأ في السرحان دون استجابة، يتأخر نطقه للكلام، ومن هنا بدأت العائلة ضعيفة البنية والمحطمة في إدراك ما فعلته لطفلها، وتبدأ في علاج ابنها ويتعبون من خلفه، ما فائدة التعب الآن؟
ما فائدة الأم إن كان لا طاقة لها بابنها، متى ستتعب حتى تكون أمًا أمًا، أم ستكون اسمًا على غير مسمى؟
والأب الذي ينظر لهذا الحال ولا تسمع له حسًا؟
لمن الأموال التي تجنيها إن كان طفلك سيكون في المستقبل غير طبيعي هكذا؟

أما الآن مع الآن السابقة: تقدم الإفساد وتجاوز مرحلة أغاني الأطفال وبدأت مرحلة التيك توك، فنحن نزيد الماء والتراب للطين وهم يزيدون فيديو بعد فيديو، ومن هنا حدث التحول، من أطفال تظهر عليهم أعراض التوحد إلى أطفال ذوي أخلاق ذميمة، وهنا بدأت المشكلة الحقيقة المؤثرة على مجتمع، فالمصاب بطيف التوحد لنفسه، أما فساد الأخلاق للآخرين، يؤثر على مجتمعنا وعلينا وعلى كل شيء.

ويا جمال أن يدخل الطفل غير المهيأ إلى المدرسة فيزداد سوءًا على سوئه، يمكن أن نقول إن المؤسسات التعليمية اسم على مسمى، ولكن ما تعلمه عكس ما نتوقعه، أتظنون أيها المعلمين السيئين أنه لا دور لكم في الفساد، اسمه معلم ولكن لا ندري ماذا يعلم. سورة الكهف يوجد فيها آداب المعلِم والمعلَم في قصة النبي موسى، خذوا منها العبر.

صحيح أنني تحدث عن موضوعين: موضوع أخلاق الشباب، وموضوع فساد عقلية الأطفال، إذْ الأول نِتاج الثاني، ونفس الأسباب تقريبًا ومنها العائلة، وكل منها يوجد ناجي.
فالعائلة المربية كنز موروث، والأم الأم مصدر الوجود، لا الوجود الدنيوي، بل الوجود بدين وأخلاق وعلم، والأب الأب أساس ذلك الوجود، والمعلم المعلم ناصر الوجود، والشاب المتربي هو الوجود في حد ذاته.

يقول ﷺ: «كلكم راعٍ، وكلكم مسئولٌ عن رعيته»

أنتم القليل من ذلك الكثير، والناجي من ذلك الكيد المقصود، سواء كان كله خطة الغرب أم خارج من المجتمع نفسه أو مهما كان فهذا لن يغير حقيقة أن المجتمع بدأ يتجه للفساد، والفساد، والفساد…

حقا لقد كانن عامين من منظور الامتحانات، أما من منظور رمضان فلقد كانن ساعتين، بداية لم أكن أتخيل أنه حقا سنجري الامتحانات في رمضان، وخاصة في نصف رمضان وليس بدايته، لم يكن لدي أي فكرة لكيف سأدرس ومتى، كنت على أمل مؤكد أنها ستتأجل، ولكنني وقعتُ تحت أمر الواقع بعد ما كانت الأجواء هادئة لا تشير لأي امتحانات كالعادة، فكانت بداية كغير العادة.

مرت بعد عناء وتعب عقلي، مع انهيارات داخلية مكبوتة، أخص ذكر مادة وهي اللغة العربية وخاصة الأدب والنصوص لدي معها مشكلة منذ الصغر، لا أدري لماذا، حفظها يتطلب التكرار مئة مرة، مع أن حروف المواد الأخرى مثل حروفها، أ ب ت ث… ، ولكن الترتيب يختلف فقط، وأكبر مثالًا هو كلمات القرآن.

كذلك اكتشفت أنه يمكنني الدراسة نهارًا، ففي آخر الأيام بدأت بالدراسة نهارًا والراحة في آخر الليل، قوة التركيز والحفظ عالية جدًا وأنا صائم، لم أكن أعرف أن الفائدة ستكون كبيرة لهذه الدرجة من قبل، فالحاجز كان عنادًا واستماعًا لآراء الآخرين بأنهم لا يستطيعون الدراسة نهارًا فينمو وهم بأنني لا أستطيع مع أنني أستطيع، فهل يا ترى لا أستطيع “مستحيل” ليست إلا وهم؟

لم تسلم الإجابات من أخطاء صغيرة، لا أدري ما سببها، ولكن كنت أنام من أربع ساعات ونصف إلى خمس ساعات متقطعة، كذلك الدراسة بضغط وهم وحزن من أن رمضان سيذهب وأنني سأقضيه أدرس كالمحبوس، لن أسامح أبدًا أبدًا كل من وافق على هذا القرار، انتهت الجلسة، أين المطرقة؟ احم احم، طق طق، لماذا لا زلتم جالسين🙂😁

أتى العيد، والعادات والتقاليد، والنوم والنوم والنوم والنوم، والكسل من جديد، وفراغ الوقت، وكآبة العيد، إذْ للعيد كآبة غريبة، ففي حال جلست بمفردك تأتيك أفكار ما الفائدة من وجودك؟ ما الذي ستفعله الآن؟ وكذلك تأتيك أفكار الانتحار👀، ويبدأ ذلك الشعور الغريب في المعدة، أفضل حل ألا تجلس وحدك أبدًا حتى إن تتطلب الأمر أن تعيّد على كل المسلمين🥲.

يبدأ أذان الفجر ننتظره لينتهي حتى نشرب الماء، تجربة لا نمل منها، نرى فرحة الناس على مواقع التواصل (الملل بدأت آثاره من فتح مواقع التواصل🥲)، ونرى فرحتنا، وبعدها تبدأ حرب الحمامات، نغتسل ويبدأ إطلاق البخور (والوشق) فيصبح البيت مليئًا بالضباب، نرتدي اللباس الذي كنا ننتظره لأيام وتبدأ العائلة بمدحه ووصفه بالجمال، (تحول من نحن إلى أنت) بين كل ذلك ترى البسمة على أوجه كل من حولك، وهم يرون بسمتك ولها سببان: الأول بسمة الآخرين والثاني قدوم العيد، الثاني لا يأتي دائمًا، ولكن الأول موجود دائمًا، وسبب بسمة الآخرين هو رؤية بسمتك، فتكون بسمتك سببها الرئيس بسمتك.

نبدأ بالجوع ولكن لا نشعر به؛ فسيأتي وقته فيما بعد، نأكل قبل الذهاب للمسجد تبعًا لسنة النبي -صلى الله عليه وسلم-، نذهب ويا جمال الذهاب، نصلي ويا فرحة الصلاة، والخطبة ويا جمال الاستماع والانتظار كي نسلم على بعضنا البعض، نعود إلى البيت من طريق آخر، وكأن كل شيء بدأ من جديد، نظيف وسليم، نأتي للبيت، ولما نأتي؟ لأن فيه الحب والحنان، فيه الحياة، فيه أجمل يد نقبلها، ففيه الحياة، فيه من ينتظرنا للأحضان، ففيه الحياة، فيه التي تحت أقدامها الجنة، فيه الأم وهي الحياة.

طبعًا لا ننسى الإناث اللاتي في البيوت، فهن لا يعيشن انتظار الوصول إلى البيت الذي فيه الأم؛ لأنهن هن أمهات المستقبل، هن المنتظَرات في المستقبل.

ويأتي دور حلويات العيد، والحلوى، والشوكولاتة، أعتقد أن دكاترة الأسنان يعد موسمًا لهم😁، لهم عيد مختلف عنا. نأكل ونفعل ما هو من العادات والتقاليد، وبعدها تبدأ مرحلة الكآبة، مرحلة الأفكار الخطيرة، مرحلة النوم، إلى الليل الأجواء تكون كئيبة، أما الليل يبدأ توافد الضيوف والمعايدات ونرى أناسًا لا نراهم إلا مرتين في السنة، بعدها تنتظرنا أيام طويلة كئيبة، وعندها تبدأ المساجد تودع الزوار، وعلى الصحف يعود الغبار كما يعود على القلوب، ولكن يوجد من يمنع وينظف ذلك الغبار، وذهب رمضان، فوداعًا رمضان…

أحببتُ أن أقدم فائدة لهذه الأيام الصعاب، ولكن لن أكتب شيئًا اعتيادي السمع لم أجربه، فإن كنت أنا لا أستطيع مقاومة تلك الأيام فكيف أجعلكم تقاومونها، فأنا فاقدهُ فكيف أعطيه؟!

لماذا العنوان “سعيد عيد”؟
لأن انتهاء الامتحانات كان سعادة قبل العيد، فالسعادة سبقت العيد، أما ما بعد العيد فيوجد ما هو أعظم: الامتحانات النهائية، كان المفترض أن يكون “سعيد عيد حزين”، ولكن لا بأس لنخفي الحزن ونستمتع بالعيد (أعلم أن تقديم الكلمة ليس له علاقة بالزمن ولكن ليكن). كذلك لسبب آخر: فرحتنا وسعادتنا للعيد قبل أن يأتي تكون أكبر مما في العيد نفسه، فدائمًا شعورنا يسبق الحدث المسبب، دائمًا نحن هكذا، نستعجل ونحب العجلة.

قد يكون هناك أخطاء لغوية أو تعبيرات غير مناسبة لذلك لا تركزوا عليها كثيرًا، اوبسس لقد كدت أنسى: كل عام وأنتم بخير، أما الآن كيف يكون “سعيد عيد” عندكم؟

لا أريد تغيير مكاني

البذرة

مشكلة أعيشها الآن ومن قبل، فأنا أدرس في غرفة أجد راحتي فيها، وفيها كل أغراضي والأهم طاولتي التي أدرس عليها، ولكن المشكلة أن هذه الغرفة تقع بداخل البيت، وعند دخول أي امرأة لغرفة الضيوف أو غيرها لا أستطيع الوصول لغرفة الدراسة، وعندها تبدأ المشكلة التي ليس لها حل؛ فأنا لا أريد تغيير مكاني الذي أرتاح فيه ولا يمكن تغيير غرفة الضيوف، وحتى ولو فأن جميع الغرف مفتوحة على بعضها لذلك كلها لها نفس المشكلة، إن كان يوجد حل فهو إغلاق البيت وعدم السماح بدخول أحد⁦ ⁦:⁠^⁠)⁩

والآن نتيجة لظرف قد حل مؤخرًا، لا أستطيع الوصول لغرفتي الدراسية هذه الأيام مما أضطررت لتغيير المكان، فذهبت لغرفة أخرى في الدور الثاني (غرفة الطوارئ) وأحضرت معي طاولتي التي لا أدرس من دونها، وها أنا الآن أكتب عليها، ولكن لا زالت معظم الأغراض في الغرفة الأولى، وعند انصراف الضيوف الكرام أعود لغرفتي وألتقي بأغراضي وكأننا لم نرَ بعضنا لزمن طويل، وكأنها هي تراني، ولكن الطاولة والكتب اللازمة يبقون في غرفة الطوارئ لليوم التالي.

طبعًا لا أحدثكم عن ملل الدراسة هنا، والجو المضغوط، ففي غرفتي أجد الراحة، وكيف لا وهي قد اعتادت عليّ وعلى صوتي عند الدراسة لسنوات عدّة، أنا أكتب ولا أدري إن كنت سأنشر هذا أم لا.

الآن قبل حلول الامتحانات أحاول تنظيم دراستي ونومي المتقطع، وبالتأكيد في الامتحانات سأعود لغرفتي، لا أستطيع من دونها، حسنًا لأكن صريح فأنا أرى أن هذا التغير حساس جدًا؛ لأنه قد يؤثر على دراستي أو قد أثر بالفعل، ولكن ما يميز غرفة الطوارئ هذه أنها هادئة جدًا، فأنا لا أحب أي إزعاج، فحتى ولو كان شخص واقف دون أن يصدر صوت أعدّه مزعج كذلك.

خلال نقل الطاولة إلى غرفة الطوارئ أحضرت كذلك الساعة التي غالبًا ما أضعها أمامي، أرى إليها الآن، لا يمكن التخلي عنها كذلك، وأيضًا الماء الذي يجب دائمًا أن يتواجد بجانبي وإلا سأشعر من دونه بالعطش والخمول، الآن أشعر بالضغط في هذه الغرفة إلى جانب صوت بابها المزعج عند الفتح.

من حظي أنه ليس لدي شيء غدًا لأدرسه، وإلا ما وجدت وقت لأكتب، الآن من المفترض أنه لا يوجد أي ضيف، سأعود الآن إلى غرفتي بشكل نهائي تجهيزًا للامتحانات.


أشياء جميلة

هناك القليل وأجملها هو أنني قرأت عدد كبير من التدوينات وتعرفت إلى مدونات لم أكن أعرفها، ومنها: مدونة lavender ومدونة الأستاذ طارق الموصللي الذي تفاجأت بتعليقه على إحدى تدويناتي، حقًا لم أكن أتوقع ذلك أبدًا، وأكثر ما أعجبني هي النشرة البريدية، استفدت من جزئية رنات بشكل كبير.

إلى جانب chatgpt وجدتُ أداة أخرى تتبع google، طريقة إعطاءها للمعلومات جميلة جدًا وهي gemini.

كذلك من الأشياء الجميلة أن مدونتي بدأت تظهر عند البحث عن اسمي، يبدو أنه شيء جميل لي فقط⁦ (⁠^⁠^⁠)⁩

كذلك وإن كان شيء يسير فهو بالنسبة لي شيء كبير، بدأت بالتضحية ببعض الأشياء، والابتعاد عن بعض الأشياء التي أريدها حتى أعود نفسي على أنه ليس كل مراد يمكن أن أحصل عليه.

كذلك اكتشفت أنه يمكن أن أعيش دون استعمال الهاتف، فقبل ثلاثة أسابيع، جربت ألا أستعمل هاتفي لأسبوع تقريبًا، وكان شعور جميل جدًا، لذلك تفرغت للتلفاز فوجدت نفسي أشاهد برامج الجزيرة الوثائقية، وهي كذلك تأخذ جزء من الأشياء الجميلة، أكثر ما أعجبني هو البحث عن فريدة: عندما كانت فتاة صغيرة وجدت نفسها في عائلة ليست منها، ومن ثم بدأت تبحث عن أهلها، وهذه المشاهد المصورة تمثل جزء من رحلة بحثها التي كانت هذه المرة في منطقة في إيران، بعدما وجدت فيهم 3 عائلات لديهم ابنة تركوها أثناء الحرب ولا يدرون ما حل لها، وفي النهاية لم يكن أي منها عائلتها بعد التحاليل.

ومن البرامج الأخرى هي ليبيا-نغمة مصالحة، فبعدما رأيت الإعلان بدأت انتظر موعد البرنامج، مع إنه يحتوي على أغلاط تاريخية كثيرة، ولكن كان جميلًا وبعث في نفسي الوطنية المفقودة.

وكذلك بدأ حسابي في النشاط على كورا، تارة أجيب عن سؤال وتارة أنشر أشياء أراها غريبة. وأخيرًا، اكتشفت كيف أضيع وقتي، ولا أبالي بالدراسة أبدًا…


الوقت يمضي بسرعة، يجب عليّ الوقوف هنا، تحدثت عن شيء قد يكون خاص بالنسبة لي، وهذا لأول مرة، لا أدري هل ما فعلته جيد أم سيء، ولكن مع ذلك سأنشره. ما كتبته قليل لقلة وقتي وتوتري من الامتحانات، وكذلك حتى لا تتعبوا في قراءة ما كتبت. أيضًا قد يكون هناك أخطاء في الكتابة، لا تهتموا بها⁦ಥ⁠‿⁠ಥ⁩ . نلتقي في تدوينة أخرى إن كان في الأصل يوجد من يقرأ هذه الأشياء الغريبة التي أنشرها ⁦^⁠_⁠^⁩

“أهمس في أذنك” الفصل (2)

في اليوم التالي التقى إياس مع سام في مقهى جميل قريب من ذلك الشارع، وعندها لا زالت الأرض مبللة والناس يملؤون أرضية المقهى بآثار أحذيتهم.
قُدم لهما قهوة تقليدية، وكان البخار فوقها كأنه سحاب، ولكن هذه السحاب لا تمطر؛ لأنها اختارت أن تدخل لقلبنا على أن تمطر.
أخذ سام هاتفه وإذْ يرى إياس على واجهة الهاتف صورة سام وهو صغير.
– هل تلك صورتك التي على الهاتف.
– نعم، صورتي وأنا صغير مع أبي وأمي وأخي التؤام.
– وأين هم الآن؟
– قصة طويلة سأحكيها لك لاحقًا، أما الآن لا طاقة لي بتذكر الماضي أبدًا.
– يبدو أنك عشت ماضٍ ليس بجيد.
– نعم، تقريبًا هو كذلك، ليس بجيد.
– أنا آسف على هذا السؤال المؤلم، انتظر، ما ذلك الشيء الذي على رقبتك؟
– أنها وحمة، كانت غامقة جدًا أما الآن أصبحت ليست واضحة مثل قبل.

ومن ثم نظر إياس إلى رقبة سام.
– هل هي تلك؟! لم أراها من قبل، هل تعلم ما هي المفاجأة؟ أنا أيضًا لدي واحدة ولكن في الجهة الأخرى من رقبتي.
– أوه، حقًا! أنا أيضًا لم أراها قبل الآن.
– نعم مثلك تمامًا أصبحت قليلة الوضوح.
– على ذكر الطفولة، متى ولدت أنت؟
– تقريبًا قبل 20 عشرين سنة، وأنت؟
– أنا ولدت قبل 24 سنة.
– إذًا أنت أكبر مني بأربع سنين، لم أتوقع ذلك!
– أنا أيضًا ظننتُ أننا في نفس العمر، رائحة القهوة بدأت تفوح، أحب هذه الرائحة كثيرًا، رائحة تفوح بالحكايات والذكريات.
– أه، نعم رائحة جميلة، لكنني أشعر بالزكام لذلك لا أشمها جيدًا الآن.
– هل بدأت تمرض؟!
– نعم يبدو ذلك، كل ذلك بسبب تركي النافذة مفتوحة.
– لا بأس خذ بعض الدواء قبل أن يقضي عليك المرض.
– سوف أخذ عندما أذهب للبيت.

أخذ سام الكوب ليشرب القهوة وإذ به تنكسب القهوة عليه.
– أوف، أتسخت الملابس، ما بك يا يدي؟ هل أصبحتُ عجوزًا أم ماذا؟!
– حسنًا لم يحدث شيء كبير، لا تقلق، خُذ منديل وحاول مسح ذلك.
– دائمًا هكذا، لا أدري ما بها يدي.
– هل بيدك مشكلة أم ماذا؟!
– نعم، فأحيانًا لا أشعر بها لفترة ومن ثم تعود لحالتها الطبيعية.
– أذهب وأكشف عنها، هناك طبيب جيد دائمًا ما يذهب إليه والداي، انتظر سأعطيك اسمه.
– والديك! أين هم الآن؟
– هل قلتُ والداي حقًا؟!
– نعم، لقد قلتها بلسانك.
– أنسى الأمر، لا أريد التحدث عن أي شيء، أيضًا كل الأطباء جيدون.
– يبدو أن الماضي قد أثر علينا مثلما علينا أثر الوحمة.
– مهما كان لا أريد تذكر شيئًا، حقًا ماذا حدث لصاحب المتجر الذي قلت لي قصته بالأمس.
– اليوم صباحًا مررتُ بجانبه، سمعتُ من الناس أن السارق قد أخذ شيئًا ثمينًا، وأصبحت حالة صاحب المتجر مزرية جدًا، ولكن الشيء الذي فاجأني أنه هناك شخص مصاب لا أدري بماذا ومتى، ولا أدري كذلك هل لا زال على قيد الحياة أم لا.
– أف، كل ذلك حدث، آمل أن يعبر هذه المحنة بسلام.

في تلك الأثناء لا زالت الشرطة تبحث عن السارق، ولا زال صاحب المتجر أنور قلقًا بشأن الشيء الثمين الذي سرق منه، وكذلك لتحول هذه القضية إلى قضية دم وشخص مصاب.
مع ذلك بدأت شكوك أنور تتجه لشخص يعرفه، نتيجة عدم حبه له، وأنه قد وعده بتخريب حياته، وها هي علامات الخراب بدأت تظهر.

قبل 16 عامًا من الآن، كان أنور متزوج من أمراة لديها أولاد، مات أبوهما لمرض قد أصابه، لذلك أنور تزوج أمهما، وكان لأنور وزوجته (أم الأولاد) آسيا يمتلكون بيتًا فخمًا، ولكن المظهر أحيانًا لا يعني دلالة ذلك المظهر، فقد يكون عكسه.

اسم الولد الصغير لآسيا هو جام والكبير توم، كان توم دائمًا ما يكره زوج أمه، بينما يحب أخيه جام كثيرًا.

في يوم من تلك الأيام التي تمر، كان جام وتوم يلعبا في الخارج، عندها عمر جام كان 4 سنوات وتوم 8 سنوات، بدأت أمهما آسيا تنادي على توم وعندها قد كان أنور زوج أمهما بجانبهما ينظف سيارته الجميلة، فتلمع عندما تراها ليلًا وكأنها نجوم إلا أن هذه النجوم لا يمتلكها كل الناس، بينما نجوم السماء لا يمتلكها أي أحد من الناس، وفي نفس الوقت هدفها الراحة والتأمل وليس التفاخر والتكبر.

أصبحا جام وأنور لوحدهما بالخارج بعد أن دخل توم لأمه في المنزل.
لم يرى أنور أن جام لا زال في الخارج فكان يظن أنهما دخلا معًا.
وبعد أن دخل أنور جاءت عربة تجرها الخيول بالقرب من باب ذلك المنزل الكبير في شارع ممتلأ بالمنازل الفاخرة، وكان يوجد في العربة رجلان.
اقترب الرجلان من الصبي وعرضا عليه الحلوى والألعاب النارية إذا ركب معهما، وكان الرجلان معروفين لجام، فقد كان دائمًا ما يشتري منهم الحلوى مع أمه، وبعد ذلك ذهب معهما، وعندما خرجت أمه كي تدخله للبيت، لم تجده، بحثت في كل مكان ولم تجده، وكأنها شمس سُلب منها أشعتها، ومنذ تلك اللحظة لم تعد أشعة الشمس أبدًا، ولم يتم رؤيته مرة أخرى، سواء أشعة الشمس أو الولد جام، واختفيا تمامًا.

كان قلبها يحترق في كل ساعة ويوم وشهر وسنة، وأصبح عمرها كله يحترق بفقدانه، لم تنادي عليه عندما نادت على أخوه في ذلك اليوم، ولكن أصبحت بعد ذلك تنادي عليه في كل وقت، وكأنها على أمل أنه سيقول:” نعم أمي”.

طبعًا هدف الرجلان كان طلب فدية من عائلته، ظانين أنهم ذو مال كثير، إلا أن مظهر ذلك البيت كان مظهرًا ولم يكن حالهم، فقد كانوا يعانون من ديون كثيرة مع تزامن انهيار سوق الأسهم، وحاولوا بيع كل شيء لكن لم يكف الفدية المبالغ فيها، لذلك ذهب أنور للشرطة وعندها أصبح الاختطاف خبرًا وطنيًا، مع أن المختطفان قد حذروهم من تدخل الشرطة في رسائل ورقية بنفس طريقة طلب الفدية.

وبدأت الأحداث تتوالى، والخلاصة أن جام لم يتم إيجاده أبدًا.

أما سبب تعلق شكوك أنور بماضيه هو أن توم كان يتهمه لأنه ترك جام لوحده في الخارج، وكان دائمًا ما يهدده، وكأن عدم حبه والغضب المكتوم اتجاهه قد وجد مخرجه.
والسبب الرئيسي لشكوكه إتجاه توم خصيصًا هو أن الشرطة لقد توصلت أن السارق في متجره عليه وحمة على رقبته، أما وجهه لم يكن مكشوفًا بسبب القبعة، وتوم أيضًا لديه وحمة في نفس ذلك المكان.

“أهمس في أذنك”: الفصل (1)

استيقظ إياس باكرًا؛ لأنه سيذهب إلى اختبار قبول في الجامعة، وكان متوترًا وخائفًا بشكل مبالغ فيه، وبما أنه يعيش وحيدًا في مدينة عامرة ومزدهرة، أراد أن يعد فطوره، ولكن توتره واضطرابه في الاستعجال للذهاب أصبحا إبطاءً له، فشعر بأن الوقت يمر بسرعة جدًا، فلم يسعه الوقت لفطوره، مع أنه استيقظ باكرًا، ولكن دائمًا ما يحدث لنا ذلك لدرجة أن نعقد الأمور البسيطة، وكذلك دائمًا في فترات احتياجنا للوقت نراه ينفذ بسرعة، وفي فترات عدم الاحتياج نراه يمر ببطء شديد، وفي الحالتين الوقت هو نفسه الذي يمر، وأيضًا من أسباب استعجال إياس بُعد المسافة كي يصل إلى الجامعة، وحينما أدرك أنه قد غرق في توتره وخوفه بدأ يسرع لتجهيز ملابسه.
-أف، نسيتُ أن أكوي الملابس، لماذا تحدث الأشياء السيئة اليوم؟!

فزاد توتره أكثر مما هو زائد، وبدأ يقلب ويبحث في ملابسه ليجد ما يناسبه ويكون جيد المظهر، وهو في قمة توتره، بدأ الهاتف يرن.
– أين أنت يا إياس؟ سوف تتأخر.
– لا زلتُ أجهز نفسي، تأخرتُ قليلًا.
– هيا بسرعة، لقد اقترب وقت الاختبار، انتظرك في الأسفل.
– حسنًا، سأتصل بك عندما أنزل.

أغلق إياس الهاتف بسرعة وألقاه على سريره، ثم ذهب مسرعًا للحمام، تاركًا الهاتف وراءه يتقلب على السرير حتى سقط من الجهة الأخرى، المقابلة لجدار المنزل. وكان منزله صغيرًا جدًا يتألف من غرفته ومطبخ وحمام فقط، وكانت العمارة التي يسكن فيها كبيرة بجوار العديد من العمارات الأخرى.

ما كان ينقص إياس إلا ذلك الرجل ليذكره بتأخره، فحاول أن يسرع أكثر، بينما مرة يسقط الصابون، ومرة تسقط الكتب من طاولته، والسقوط يتتابع واحدًا تلو الآخر، حتى هو كان يتعثر في الأشياء ويسقط. ثم ارتدى حذاءه دون ربطه؛ لأنه لا يحب تلك الأحذية ذات الخيوط التي تأخذ وقتًا طويلًا لارتدائها. خرج ممسكًا حقيبته بيده اليسرى، وحاول فتح الباب، ولكن بسبب صعوبة فتحه بيد واحدة اضطر إلى وضع حقيبته جانبًا، ثم فتح الباب وأخذ حقيبته ونسي إغلاق النافذة، فكان الجو باردًا لأن الشتاء قد حل.

من حظه أنه يسكن في الأدوار الأولى في العمارة، جري حتى يلحق على ذلك الشخص الذي سيوصله؛ فإياس ليس لديه سيارة، وكان ذلك الشخص ينتظره بين حشود من السيارات الواقفة في تلك العمارات المتجاورة، لذا؛ البحث عنه يأخذ وقتًا طويلًا، والسيئ في تلك العمارة ذلك اليوم كان المصعد قد عطل.
– تأخرت، لماذا تحصل لي هذه الأمور؟ ما الذي حدث؟! فقد استيقظتُ مبكرًا (وهو ينزل الدرج متنفسًا بصعوبة).

وصل للأسفل وسط ذلك العدد الهائل من السيارات، وبالتأكيد لن يستطيع إيجاد ذلك الشخص حتى يتصل به. وضع يده بجيبه لإخراج هاتفه كي يتصل به، لكنه لم يجده. بدأ يبحث في حقيبته التي دائمًا ما يضع بها ما يحتاجه عند خروجه، ومع ذلك لم يجده. بدأ ينظر في كل اتجاه لعله يجده، ولف حول نفسه وبحث بين السيارات، لكن دون جدوى. بدأ يراوده خوف شديد من أن يفوت عليه الاختبار، وعندها بدأ هاتفه يرن، فاستيقظ إياس مندفعًا من حلمه.

بحث إياس عن الهاتف إلى أن وجده ساقطًا على الأرضية من على السرير. رد على الهاتف على الرغم من أنه كان رقمًا غريبًا، حيث اعتاد على التجاوب مع تلك الأرقام الغريبة دون التفكير بمن قد يكون الطرف الآخر.
– من أنت؟ (مع عطس)
– أغلق نافذتك وإلا ستمرض. (بصوت غريب جدًا)
– ما الذي تقوله؟ من معي؟ قل من أنت؟

فأغلق ذاك الشخص الغريب الهاتف، وقفز إياس من سريره بسرعة وبدأ ينظر من نافذته المفتوحة إن كان يوجد أحدًا يراقبه، لكن لم يجد أحدًا.

ذلك الحلم كان يتكرر دائمًا لإياس، وكان بسبب صدمة حدثت له من قبل، حيث كان دائما ما يوقظه شيء، وأحيانًا ما يتمثل في اتصال مجهول يتلقاه بنفس الصوت الغريب. الخوف كان يلازمه في كل مرة يستيقظ فيها، فهل الشخص يمكن أن يعتاد على الخوف؟ أم تصبح لديه شجاعة أكبر؟

استيقظ بعد ما نام قليلًا، وقام بغسل وجهه. وكان إياس يعيش بالفعل وحيدًا، فكانت كل تفاصيل الحلم تعكس حياته الحقيقية. بعد ذلك، جلس على هاتفه كما يفعل في كل يوم، وهو يضيّع الوقت عليه، حتى اتصل به صديقه الذي تعرف إليه منذ فترة وبدأ بالحديث معه.

سرعان ما تأثر إياس بصديقه سام، فالصاحب ساحب، ولكن السؤال الآن: هل سحبه للخير أم للشر؟!

بينما كانت بعض الأحاديث فارغة ولا فائدة لها، إلا أن سام حكى لإياس عن موقف حصل معه في الأمس بعد أن طلب إياس منه الخروج معه مساءً. يُعرف سام بالانتظام، حيث يحافظ دائمًا على نظافة غرفته ويعيش مع صديقه إيرام في سكن مشترك. على الرغم من أن إيرام كان فوضويًا، إلا أنه كان ماهرًا في الطبخ بينما كان سام يعتبر نفسه فاشلًا في هذا المجال.

الموقف الذي أراد سام أن يرويه لإياس كان عندما شعر بالجوع بشكل شديد، إلا أنه لم يذق ذلك الجوع الذي يجعله يأكل ما يجده بجانبه، فكم من الناس الذين يصل بهم الحال إلى ذلك؟!

وبما أنه لا يجيد الطبخ وكان إيرام هو الذي يطبخ، ففي ذلك اليوم لم يكن إيرام موجودًا، فاضطر سام أن يذهب للمطعم، جهز نفسه بسرعة قبل أن يحل الليل ويغلق المطعم، فخرج مسرعًا ونسي أن يربط حذاءه، فلكل له مشكلة بحذائه وتعجبه أحذية الآخرين، ولا يدري بأن حذاءه يتمناه غيره ممن ليس لديهم أي حذاء يرتدونه.

وفي تلك الأثناء، كانت السماء قد امتلأت بالغيوم، الواحية بأنها ستأتي بمطر غزير، فالليل أصبح نهارًا من البرق المضيء، ونسى سام أيضًا أن يأخذ معه مظلة تحميه، مشى في ذلك الشارع الجميل الذي يسكن بجواره، فالخطوط الصفراء التي على الطريق كانت تضيء مع البرق في كل مرة وتلمع، بدأ المطر يهطل، حاول أن يجري ليصل بسرعة إلى المطعم، ولكن لم يستطع الوصول، فدخل لمتجر ذهب، ومع ازدياد الأمطار أصبحت ثيابه مبللة من كل مكان، وأصبح وكأنه يرتدي حجارة من ثقلها بسبب الماء، وبدأت تلك الغيوم تتنافس على من يمطر أكثر، وكأنها تتنافس على من يزيل الهم أسرع، إلا أن همها الماء، ونحن الماء لنا عيد.

ذلك الشارع الجميل المليء بالمتاجر دائمًا مزدحم، فدخل الناس إلى المتاجر القريبة منهم كما فعل سام، حينها بدأ متجر الذهب في الازدحام، وازدادت الأصوات والفوضى فيه، فلم يخرج حذاء أحد إلا وامتلأ بالطين، وشتان بين أناس أكبر همهم أن حذاءهم قد أتسخ، وأناس يفكرون كيف سيقضون أولادهم هذه الليلة الممطرة، وأين سينامون والماء يتدفق في بيوتهم، فهل جميعنا بالمطر فرحون؟ أم هناك من هو مهموم؟

عندها كان صاحب المتجر خائفًا من أن تحدث سرقة بسبب هذه الفوضى العارمة، وهذا له هم آخر، فكل بهمه مهموم ومشغول، والناجي هو من ينسى الهموم وينظر للمطر والمنظر الجميل، وفجأة تعالت الأصوات: “سارق، سارق، لقد وضعه في حذاءه”

يبدو أن الأحذية مشكلتها كبيرة، ولم يمض وقت طويل كي ينظروا الناس من هو، حتى تعالت الأصوات مرة أخرى: “سلاح، ذلك الشخص معه سلاح، اهربوا”، بدأ الناس ينتشرون ويهربون من المتجر، فالروح غالية أمام تلك الملابس التي ستبتل.

جرى سام من خوفه إلى أن داس بإحدى أرجله على رباط حذاء رجله الأخرى، فسقط في الشارع، فأتى شخص ساعده على النهوض بسرعة، وأثناء سقوطه كان قد التوى كاحله قليلًا، فبدأ يتمايل حتى سانده ذلك الشخص.

– شكرًا على مساعدتك.
– لا داعي لذلك، ليس بشيء كبير، يبدو أنك لا تستطيع المشي، أين تسكن كي أوصلك.
– لا، شكرًا، فمسكني قريب من هنا، سأحاول المشي بنفسي.
– حسنًا، كيفما تريد، انتبه لنفسك!

ذهب ذلك الشخص مسافة قليلة، حتى سأله سام وسط ضجيج الشارع:
– حقًا، ما اسمك؟
– اسمي بيل، وأنت؟
– أنا سام، تشرفت بمعرفتك بيل، شكرًا لك مرة أخرى.
– وأنا أيضًا، لا تنسى أن تذهب للطبيب.
– حسنًا. (مع ضحكة خفيفة).

ذهب بيل بعيدًا، وعاد سام إلى المسكن بعد طريق شاق دون قدرته على المشي، وعاد وكأنه قد تم غسله تمامًا.

شكا صاحب المتجر أنور بعد هروب كل تلك الناس لرجال الأمن المسؤولين عن مثل تلك الحوادث، ومع استمرار التحقيقات والبحث في الكاميرات امسكوا بحامل السلاح، ولكن تبين أن ذلك الشخص ليس هو نفسه السارق، فالسارق شخصًا آخر.


قناتي على التيليجرام: جلجلة جلال

شهريات | يناير المُساير

بداية الشهر كانت بدراسة امتحانين لليوم التالي، بداية امتحانية، لا، لم تكن بداية حزينة، إنما كانت سعيدة وحماسية لانتهاء الامتحانات، وقدوم الإجازة.

حاولت أن أدرس بكد، وكالعادة في أثناء الامتحانات تخطر عليك ألف فكرة تريد أن تفعلها في الإجازة، ويوم تأتي تتبخر تلك الأفكار، وعلى الأكثر قد تتكثف نقطة وتسقط على رأسك، ولكن حينها لا زلتَ لم تقرر هل حقًا ستفعلها أم لا.

آخر يوم في الامتحانات حدث انهيار عقلي ونفسي؛ لعدم اكتفاء الوقت، ويمكن كذلك لأنه آخر يوم، فمن المفترض أن يكون آخر امتحان لمادة سهلة وبسيطة.

سأحاول تجميع ما استفدت منه في هذا الشهر دون إطالة، و -إن شاء الله- يكُن إعجابكم قد نالته هذه التدوينة.

أهم إنجازات الشهر:
1. إنشاء المدونة:
هذا الإنجاز من أكثر الأشياء الجميلة في حياتي، دخول عالم الكتابة والتدوين كان قرارًا يتخبط في العقل بين نعم ولا إلى أن أتته دَفعة دفعته لنعم، وها أنا الآن أكتب، مع كثرة الأخطاء البدائية كذلك ها أنا لا زلت أتعلم وأتخطاها بخطوات بسيطة.

وهذه تدوينة من تدوينات هذا الشهر: لم الأمل إذًا، ستجدون في هذه التدوينة والتدوينة التي قبلها بأن اليوم “الأول من فبراير” يوم مميز بالنسبة لي.

2. قناة التيليجرام “جلجلة جلال”:
مع تزامن إنشائي للمدونة فقد أنشأت كذلك قناة على التيليجرام تحوي نصائح ومناقشات وتذكيرات وغيرها الذي أحاول أن أجعله مفيدًا لأي شخص مشترك بها، وكذلك سميتُها باسم المدونة، بحيث أشارك روابط التدوينات بها.

3. تحدي صخب البودكاست:
لم أتوقف في الإجازة عن استماع البودكاست، ولأول مرة استمع لها، مع أنني كنت أعرفها، ولكن لم يأتِ حينها حتى الإجازة، فأردت قبل انتهائها أن أعمل دَفعة من حلقات البودكاست المفيدة، فاستمعت لأربع حلقات من بودكاستس مختلفة مدتها حوالي من ساعة ونصف إلى ساعتين وقليلًا من الدقائق.
وكنت قد كتبت تدوينة عنه: صخب البودكاست.

4. الاستيقاظ فجرًا:
مع إلحاحي لهذا الشيء منذ بداية الإجازة فإنه لم يحدث إلا في نهايتها، فالمهم أنني قمت بذلك، روتين جميل ويوم جميل، إن كانت بداية اليوم بالصلاة والأذكار وحلقة من بودكاست وعي بهذا الجمال، فكيف بنهايته إذًا؟
روتين يُوصى به، فالرسول -صلى الله عليه وسلم- كان يستيقظ من الفجر، ومن ثم يأخذ قيلولة بعد مدّة.

5. تنظيم الوقت:
هذا الشيء غاية لا تدرك للأسف، ولكنني على الطريق الذي يؤدي إليها، فلا اكترتُ بكمال التنظيم، الأهم أن أنظم قليلًا.

6. السيطرة على مواقع التواصل الاجتماعي:
غاية يمكن إدراكها، فقللتُ من استخدامي لها، وأصبحتُ أستخدمها لدقائق معدودة، وما يُعَد إلا القليل.

هذا ملخص لبعض الإنجازات، والهدف ليس أن تنظروا لها وتثنوا صاحبها، بل أن تأخذوا منها ما تريدون.

الكُتب التي قرأتُها:
الإجازة كانت أحد المعينين لي على قراءة صفحات عدّة، ولا تتفاجؤوا؛ لأنها إجازة فقط، وإلا ما الذي جعلني أقلل من القراءة الآن لسبع صفحات يوميًا إن لم تكن الدراسة، وهذه هي الكتب:
1. رواية ملذات طوكيو:
أول تجربة لعالم الروايات، بداية جميلة بهذا العنوان الجميل، فجمال التفاصيل فيها طغى على بساطة القصة، وهذه كانت ترشيحًا من الشخص الداعم المخفي 😁.
2. كتاب اليوم النبوي:
يحكي عن تفاصيل يوم الرسول صلى الله عليه وسلم، ويمكن إتمامه في يوم واحد فقط.
3. كتاب الهشاشة النفسية:
مع هشاشة هذا الجيل، يتطرق الكتاب لأسباب الهشاشة ومنها تجد الحل، مفيد بدرجة كبيرة جدًا.
4. كتاب الرجل النبيل:
يتحدث عن الرسول صلى الله عليه وسلم، ومواقفه مع الصحابة، فتعرفك بحياة الرسول، يزيد من حبك له، والشوق للقائه.
5. كتاب لماذا ننام:
الذي لم أنته منه لحد الآن، ويبدو أنه مستمر لوقت طويل مع هذا البُطء الذي لدي الآن، يحوي الكتاب فوائد النوم، ويعرفنا على مراحله، وما الذي يسببه نقص النوم، فعند قراءتك لصفحة تلو الأخرى يزداد التفاجؤ لديك من أهمية النوم الخفية، التي لدرجة أصبح السؤال “لماذا نستيقظ؟”

هذا تم في أسبوعين فقط من أصل أربعة أسابيع تقريبًا في الشهر.

وغيرها من الأشياء الجميلة التي حدثت في هذا الشهر ومنها:
1. الذهاب للعاصمة طرابلس، فهذه الزيارة كانت مُنتظَرة منذ الامتحانات.
2. اكتشفتُ مبادرة غسيل القلب من قناة نافع على التيليجرام، وهذا رابط القناة: مبادرة غسيل القلب .
أنصح بها بشدة.
3. قراءة تدوينات أو مقالات بدلًا من تضييع الوقت.
4. مشاهدة لبعض الفيديوهات الجميلة المفيدة على اليوتيوب، وتعجبني أكثر شيء مدونات الفيديو vlogs، من القنوات المفيدة: أسعد طه ، محمد أبوبكر ، أحمد عامر ، جيل يقرأ وغيرها.
5. زيارة فريق الروبوتات الذي كنتُ أحد أعضائه سابقًا، وهم الآن داخلون على تصفيات محلية في مدينة سبها، ادعوا لهم بالتوفيق🤖.


وهذا اختصار لشهر يناير لما قد يفيدكم، فهذا كله لا يعني عدم وجود أيام ذات جو كئيب، لا تطيق فيها فعل شيئًا، ولكن ليكن الجميل معروضًا لكم فقط، وهذا المعتاد عندنا.

قد أكون نسيتُ أشياء لم أذكرها، وأخطأتُ في التعبير عن أشياء، وأيضًا شكرًا لكم على وصولكم إلى هنا، تفضلوا لقناتي على التيليجرام: جلجلة جلال.

واختم بقول الرسول صلى الله عليه وسلم:
«يا شداد بن أوس، إذا كنز الناس الذهب والفضة، فاكنز هؤلاء الكلمات: اللهم إني أسألك الثبات في الأمر، والعزيمة على الرشد، وأسألك شكر نعمتك، وحسن عبادتك، وأسألك لسانًا صادقًا، وقلبًا سليمًا، وأسألك من خير ما تعلم، وأعوذ بك من شر ما تعلم، وأستغفرك لما تعلم، إنك أنت علام الغيوب».

تجربة يوم مليء بالبودكاست فقط “صخب البودكاست”

أهلًا بكم أيها الأصحاب، كنتُ في حالة ملل من روتين إجازة دراسية، ومع قرب انتهاء تلك الإجازة فكرت أن أجرب شيئًا مختلفًا وجميلًا وفي نفس الوقت يفيدني.
خطرت في بالي فكرة تحديات على مدى 3 أيام واليوم الرابع يكون راحة جسدية ونفسية من كل شيء، مع مشاهدة مسلسلي المفضل فقط، والابتعاد عن الهاتف.

وهي أقرب إلى أن تكون تكسير روتين منها تحدي، فقررت أن يكون اليوم الأول برعاية بودكاست فقط، ولا أفعل شيئًا غيره إلا بضع صفحات من كتاب، ومع تقسيم الوقت وجدت أنه يجب أن أستمع إلى أربع حلقات مختلفة من بودكاستس مختلفة.
وها أنا أكتب الآن بعدما انتهيت من الاستماع لهم كلهم،
فقلتُ أن أشارك معكم كل يوم من هذه الأيام، وأشارككم ماذا استفدت من كل يوم، لأبدأ بسرد اليوم الأول، قراءة ممتعة للجميع.


اليوم الأول “صخب البودكاست”:
قبل دخول هذا اليوم بحثت عن أفضل حلقات البودكاستس المعروفة، وأنا في أيامي العادية أستمع إلى بودكاست وعي فقط، فجمعت مجموعة كبيرة، إلا أن إذاعة ثمانية كانت تكفيني عن البحث ما شاء الله، لأبدأ بآرائي عما استمعت له:

1. بودكاست فنجان: مع يوسف الدويس:


حلقة جميلة جدًا، شاهدتها بعد الفجر مباشرةً، تحكي تجارب يوسف مع الحياة والدراسة، وكيف أنه انتقل من تخصص لتخصص، وكذلك هناك شيء قاله عن العمل الفردي عن كيف أنه يؤدي لنتائج أكبر من الجماعة، وهذا شيء حقيقي عن تجربة، وأكثر ما أعجبني هو حبه لإبراهيم الكوني وكتبه وهو من وطني ليبيا، ولكن كتقييم لها أعطيها أقل تقييمًا نسبيًا لما استمعت له اليوم؛ لأن لما خرجت من البودكاست وانتهيت منه لم أجد شيئًا أفكر فيه، وأنا بعادتي عند أكمال حلقة مثلًا من وعي أصبح أفكر في كلامهم، وافسره كثيرًا في عقلي، ولكن بصفة عامة حلقة جميلة مع أول تجربة من ثمانية.

2. بودكاست مربع: كيف تكتسب المهارات الحياتية؟:


خير الكلام ما قل، أفضل شيئٍ شاهدته واستمعت له، شيء جميل جدًا، رأيتُ أحد التعليقات يقول صاحبها “من وين تجيبون هالضيوف؟”، ضيف رائع جدًا، كلام فوق الجمال، مثلًا عندما تحدث عن الأبداع، وقال إن الأبداع يشترط في الشيء المبدع أن يكون جديدًا، مفيدًا، أخلاقي، كذلك تحدث عن كيف تعد خُطة لحياتك، وأهمية المهارات الناعمة، وبالتأكيد سأعطيها أعلى تقييم، كنصيحة مني لك بعد أتمامك للقراءة أذهب لاستماعها مباشرةً، قلتُ بعد أتمامك للقراءة👀😁.

3. بودكاست مربع: ابن منفوحة الباريسي:


خصيصًا يجب على هذا الضيف كتابة قصة حياته كرواية؛ قصة عجيبة وجميلة، كيف أنه استغل الفرص حتى نجح وأسس شركة وعمل على تكبيرها وتطويرها. أعجبني كثيرًا أنه كان ملهمًا للناس من حوله، دائمًا يسعى لحل مشاكلهم ومساعدتهم. حكى أيضًا عن تجربته في السفر إلى فرنسا بعد دراسة اللغة الفرنسية في جامعة الملك سعود. وكانت هذه تجربة سفره الأولى، ومن هذه الانطلاقة استطاع أن يؤسس شركته وتحقيق حلم المليون ريال. تقييمي لها سيكون ثاني أفضل حلقة بين أولئك، مع أنني في البداية قررت أن أستمع إلى بودكاستس مختلفة، إلا أن بودكاست مربع أعجبني كثيرًا.

4. بودكاست وعي: سلسلة الأخلاق:


كما قلتُ، أنا أستمع لبودكاست وعي باستمرار، لذا لم أتبع ترتيبي واخترت عنوانًا لفت نظري، واستمعت إلى حلقة واحد من هذه السلسلة. العنوان واضح وجميل “الأخلاق”، تحدثوا عن أن الأخلاق مهمة بأهمية العبادات وأنها يجب أن تكون جزءًا منا. وبما أنني استمعت لها للتو ليلًا، لم يكن تركيزي في ذروته حتى أستطيع أن أغوص معهم في حديثهم كما يحدث عادة. كما أن الحلقة ينقصها شريف🥲. ولا يوجد تقييم، لأن بودكاست وعي لا أستطيع تقييمه بشيء آخر، فهو على جانب بنفسه (خاص)، وبهذا انتهى يومي بشيء لطيف من بودكاست وعي ممزوج بالدين والإسلام.

الآن سأنام بعد يوم صاخب بالبودكاست، وسأكمل اليوم الثاني مع قراءة 200 صفحة، أي أنه يوم مخصص للكتب فقط. لكن لم أقرر بالضبط كمْ صفحة سأقرأ، فوضعت 200 كهدف مرجعي فقط، ولكن المهم أن يكون كل اليوم قراءة فقط.

شكرًا على وصولكم إلى هنا، وداعًا إلى تدوينة غدًا بإذن الله، كونوا بخير.

تفضلوا لقناتي على التيليجرام:

جلجلة جلال

فمن أنت في قصتنا؟

أنا بطل قصة حياتي، وكُل منكم بطل قصته.
من طبيعتنا، أي طبيعة البشر هي الكبر والتفاخر، نرى أنفسنا أبطالًا عند الكُل، ولا نعلم أنهم لا يروننا في الأصل كي يعتبرونا أبطالاً، وبالطبع تلك السلوكيات تعتبر رذائل، ويجب أن نتجنبها ونبتعد عنها.

إذا كنا نحن الأبطال، فمن أصحاب الأدوار الفرعية؟
وهل هم أيضًا أبطال في قصة أخرى؟
أصحاب تلك الأدوار لا شك بأنهم أبطال في قصصهم، مما يعني أننا نحن أيضًا لدينا أدوار فرعية في غير قصصنا، ومع تشابك هذه الأدوار تنتج لنا شبكة من حياة معقدة متكاملة تحوي مليارات الأبطال، ولكن لكل شخص دور واحد للبطولة.

هذا التشابك يذكرني بدرس الأحياء عن السلاسل الغذائية، فعندما ترتبط تلك السلاسل تنتج شبكة غذائية، على ذكر الدراسة، الإجازة بدأت تقترب للانتهاء🥲 .

من ذلك الكلام نستنتج أن لنا أدوارًا فرعية كثيرة جدًا، ودور بطولة واحد، لذلك تركيزنا على أنفسنا وحب أنفسنا أو ما يعرف بالنرجسية لن يفيد أحد، قد يصل الأمر حتى إن نحن لا نستفيد، ويعود ذلك الحب لأنفسنا على أنفسنا ويؤثر علينا سلبًا، وذلك لأننا عندها نكون قد فقدنا أصحاب الأدوار الفرعية في قصتنا، وما فائدة البطل وحده؟

لا أقول حافظ عليهم كُلهم، وافعل ما يرضيهم، بل كن ذا فائدة لمن حولك، فأحاسيس الغضب منهم وكرههم أحاسيس عادية تدخل لنفوسنا، حتى إن عدم وجودها فينا تدل على علة بداخلنا، فتلك طبيعة البشر، وتلك العلة هي ما يعانيها هذا الجيل كما ذُكر في كتاب الهشاشة النفسية، محاولة إرضاء من حولنا والخوف من أن نفقدهم أدى إلى عدم الإفصاح عن آرائنا لأنها قد لا تتناسب مع البعض، وتجدهم دائمًا ما يتجنبون المناقشات.

وأنت بدورك إن كان أي شخص في حياتك يؤثر فيك سلبًا، ألغِ دوره الفرعي فورًا، وكذلك تعرضك للكره ممن حولك أمر عادٍ، فلا تكبره، فأنت فقط فقدتَ دورًا فرعيًا وما زال هنالك أدوار فرعية أخرى في قصتك، وما زلت صاحب أدوار في قصص أخرى.

المشكلة هي عندما تكون وحيدًا في قصتك، وليس فيها أدوار فرعية، أو ألا تكون صاحب أدوار في قصص الآخرين.
ولا تستهنْ بأي شخص في هذه الحياة، فأنت بذلك تستهين قصة بِرُمَّتها، وحياة بِرُمَّتها، فكُلنا لدينا قصة وعائلة وأحباب وأحلام كذلك، وليس أنا أو أنت فقط، كُن متواضعًا يا صاحب قصتك، وليس قصتي، فقصتي لديها بطل يحميها، ويجعلها جميلة بنظره، بنظري أنا، فمن ذلك الذي يتكبر؟ ويحسب أن قصته تهمنا، كفاك تكبرًا فنحن أيضًا لدينا قصة وأناس جميلة في حياتنا، فمن أنت يا ذا الدور المُلغى في قصتنا؟

كُنت أريد الكتابة فلم أجد ما أتحدث عنه، إلى أن وجدتُ يدي تكتب ما كتبته، أظن أنني أعاني شح الأفكار، مع أنني ما زلتُ في بداية طريقي في عالم التدوين، أتمنى ألا تغزو عليّ أفكار حذف المدونة😁.

فكرتُ أن أضع في نهاية كل تدوينة ترشيح لكتاب أو فيديو أو مقالة، وأضع معها اقتباسًا، كما رأيت في إحدى المدوِنات فأعجبتني تلك الفكرة.

بذلك أرشح لكم هذه المقالة:
حمية الانتباه

هذه المقالة توصلتُ لها من كتاب الهشاشة النفسية، وهو كذلك أرشحه لكم.

واقتباس هذه المرة:

لو أن عالمنا مكان آمن، فلم الجنة إذًا.


شكرًا على وصولكم إلى هنا، كونوا بخير.

لِمَ الأمل إذًا؟

الجزء الثاني من أحداث سنة 2023،

بعنوان: “لِمَ الأمل إذًا؟”

استيقظتُ صباحًا، وعند ذاك كانت إجازة نصف السنة، وذلك الصباح كان ينتصف تلك الإجازة، كأي صباح عادي، فطرتُ ومن ثم جلستُ مع الهاتف، أتصفح تارة الفيسبوك، وتارة أخرى الواتساب وهكذا، بطبيعة حالي لا أحب الإشعارات، فدائمًا كنت ألغيها، وعندما تصلني رسالة على الواتساب لا أراها إلا عندما أفتحه، وأنا أتجول في الهاتف بين تطبيق وتطبيق، جاء دور جولة الواتساب، نقرتُ بأصبعي على أيقونته، وها هو ينفتح، وأرى رسالة في مجموعة “الموهوبين 2023″، قلتُ ربما النتائج قد ظهرت أو اقترب ظهورها، فإذا أنا أفتح تلك المجموعة حتى أرى اسمي وظهرت أمامي تلك الرسالة التي أدرجتها في آخر التدوينة السابقة، بدأتُ أنظر يمينًا ويسارًا، “هل أنا أحلم؟”، لم أشعر حينها بأني جالس وإن في يدي الهاتف، قمتُ دون وعي إلى أن وجدتُ نفسي في وسط البيت، فتلك المدّة التي بين جلوسي ووجودي في وسط البيت كأنها أُخِذت من ذاكرتي ووضعت في صندوق “اللحظات المختفية”، ومفتاح ذلك الصندوق حُذِف في بحر اللاوجود، وبدأت عائلتي تسألني: “ماذا حصل؟ (شن صار خيرك؟)”، لساني لم يستطع النطق بشيء “ماذا أقول؟”، وعندها أخذوا مني الهاتف ورأوا بأنفسهم تلك الرسالة.

بعد قرابة 5 أشهر ذهبنا جميعنا للسعودية (تقريبًا 20 شخصًا بالنسبة لليبيا)، طيلة هذه المدّة كنت أنتظر هذا الذهاب، انتظر ركوب الطائرة، انتظر رؤية عالم آخر.

فمن لحظة الوصول للمطار، وهبوب ذلك النسيم الرطب المملوء بالبخار في العاصمة طرابلس، لم أصدق بأن كل ذلك يحصل الآن، أنزلتُ الحقائب من السيارة ونفس ذلك النسيم لا يزال يهب، صوت عجلة الحقيبة يعلو ويقول لي سنسافر، وكأن حتى الحقيبة فرحت لذلك، أمشي في ذلك الطريق المؤدي للمطار والحقيبة تلحق بي، فكأنها هي التي تمشي بنفسها لا أجرها أنا من عدم شعوري بها، لولا صوت عجلاتها لنسيت أنني أجر حقيبة، دخلتُ للمطار، انتظرتُ فتح البوابة بكل حماس، أعطيتُ جواز السفر بكل فرح، مشيتُ في الممرات من بوابة لأخرى بكل سرور، جلستُ أنتظر وأرى الناس والسعادة تُرى على وجهي، وأنا أفكر: “هل هؤلاء الناس دائمًا يسافرون؟”، انتقلتُ من كرسي لآخر حتى أتجمع مع الذين أعرفهم، فنحن لم نكن نعرف بعضنا البعض كثيرًا، ولا أتذكر عن ماذا تحدثنا، ولكن انتظرنا حتى جاء موعد ركوب الحافلة للذهاب إلى الطائرة.

وصلنا أخيرًا للرياض، وكان عندها الوقت ليلًا، نزلنا من الطائرة، وبما أنها طائرة كبيرة فكان نزولنا مباشرًا إلى المبنى خلال ممرات تقف الطائرة باتجاهها دون حافلة، فمن يرانا يحسب أننا الآن استيقظنا من نومنا، مع أنه كنا متعبين جدًا، ولكن لذة السفر غلبت قلة النوم، تأخرنا كثيرًا في المطار بسبب الشرائح (الشفرات)، وتحويل العملات وهكذا، وعندما وصلنا كذلك تعطلنا في أخذ بطاقاتنا، وإعطاء هواتفنا، نعم هواتفنا.

دون تفصيل مبالغ، فالأيام الأولى مرت وكأني محبوس، فمن السكن إلى الجامعة، ومن الجامعة إلى السكن، ومن ذاك لمكان الأكل فقط، الخروج ممنوع منعًا باتًا، وما زاد على صعوبة هذه الأيام أخذ الهواتف، وتركها لنا لساعات محددة، وكانت تلك الساعات من ضمنها وقت العشاء والصلاة، ولكن الآن أقول لقد فعلوا الصحيح.

تعرفتُ إلى الكثير من بلدان عربية مختلفة، من الأردن والمغرب وفلسطين واليمن وتونس وعمان ومن السعودية نفسها، وكانوا ذوي أسلوب وتعامل جميل ولطيف، لا أقول كُلهم ولكن معظمهم كانوا كذلك، تعرفتُ إلى مشرفنا وبعض المشرفين الآخرين، كان لكل مجموعة من 12 طالبًا مشرفًا يديرها، ولكل هؤلاء المشرفين مسؤول يديرهم، ومسؤول فوق مسؤول وهكذا…

ملخص التجربة أنها كانت أكثر من أكثر (الروعانية)، مع أنها لم تعجبني بداية الأمر، ولكن كانت تستحق الانتظار، وإلى الآن مستمر في قول هذا: “إن الوطن لا يعلو عليه، مهما كانت طبيعته”، لذلك اشتقت لهدوء الوطن وسكينته، كذلك لم تكن هذه الرحلة مثل قبلها التي انتظرتها بكامل شوق، فانقلبت عليّ باليأس والخيبة، بل كانت هذه الرحلة وفية لي😁.

هذا منشور على صفحتي بالفيسبوك يلخص تلك الرحلة بالصور: ألبوم الرحلة

نعود للوراء قليلًا، بعد إعلان النتيجة بشهر كما مكتوب في الرسالة، أنه سيشارك كل ذو ترتيب من كل بلد في حفل إعلان باقي النتائج، وانطلاق الموسم الجديد من المبادرة، فجُلّ فرحتي كانت بسبب أنني سأذهب بعد شهر وأتحرر من قيود البقاء في نفس النطاق البيئي، وقيود الدراسة التي أصبحت مملة، وأنا عندها كنتُ في السنة الثانية ثانويًا، فانجمعت كُل الفرحات في ذلك الأسبوع: فرحة الفوز بالترتيب، فرحة السفر بعد شهر، فرحة الإجازة، فرحة بأنه كان لدينا “عرس”،وأخيرًا فرحة بأنني انتهيت من تلك المقابلة مع المنظمة الأمريكية (تحدثت عنها في التدوينة السابقة)، نعم مثلما قلتُ لكم في نهاية الجزء الأول من التدوينة، بأنه يفصل بين المقابلة وإعلان تلك النتيجة يومًا واحدًا، انتهيتُ من المقابلة وأنا واثق بأنني لن أنجح فيها، ولكنني لم أكن واثقًا بأنني في الصباح التالي سأتحصل عما هو أفضل -الحمد لله-.

في نفس اليوم طلبوا مني صورًا لجواز السفر، وكنا سنذهب أنا ووالدي معًا، منذ إرسالي الصور لهم لم نتحدث بعدها، مرت الأيام، وبدأت الدراسة وأنا أفكر : “كيف ستكون أنظار الناس عليّ في المدرسة؟”، لا أتذكر كيف مرت ولكنها مرت. بالكاد كنت أتحمل ذهابي للمدرسة، وكتابة الواجبات ودراسة المنهج الغبي (لنتفق أن المنهج بات يسوء كثيرًا، فهل يعقل بأن منهجًا قديمًا منذ 40 سنة أفهم منه أفضل من منهج الآن؟ )، فمن ضمن هذه السفرة كنا سنذهب لتونس، وذلك لإخراج التأشيرة وهكذا، لأنه لا توجد سفارة سعودية ليبية في ليبيا، إنما مقرها في تونس، كنا سنبقى فيها حوالي 3 أيام، وجزء الذهاب لتونس كنت أعرفه من يوم الإعلان، لذلك لم يكن له جزء كبير من الفرحة كما لو علمت به لاحقًا.

استمر الذهاب للمدرسة على هذا الحال، حال الانتظار، كنتُ أدرس من أجل تلك الرحلة التي لم تصبح عادية، بل انقلبت رحلة لبيت الله الحرام، فبعد الحفل قالوا لنا ستذهبون لمكة لتعمروا، وكل ذلك على حسابهم، فازدادت فرحة لاحقة لتلك الفرحات، أتخيل أن قالوا لنا من الأول عن العمرة، لكانت تأثير هذه الفرحة أقل، ولكن أُجِلت ليكون تأثيرها أكبر عندها.

الأمور إلى هنا تسلك مسلك السعادة والحماس، مر يوم أو يومان وقالوا إن العمرة ستكون ليومين فقط، لم تكن صدمة عظيمة، ولكن كانت خلاف المتوقع، فقلت: ” المهم عمرة حتى ولو يوم”، بالطبع قل الحماس وتلك الفرحة السائدة التي باتت خوفًا، لأنه السفر لأسبوعين ليس كأسبوع أو ثلاثة أيام، ولكن لما الخوف؟

مدة الانتظار تجعلك تفكر : “ماذا يحصل لو أُلغيت الرحلة؟ لو كان هناك خطأ في البيانات؟ لو لم تخرج التأشيرة؟”، وكل ذلك لأن في السنة السابقة حدثت مشكلات لذلك صاحب الترتيب لم يذهب، فخفت أن يحدث لي ذلك.

نأتي للتأشيرة، وهي محور هذه القصة، باختصار شديد تعرضتُ لأكثر من مرة فقد الشغف والحماس، مرة يقولون بأنهم تأخروا في صدور التأشيرات، ومرة يقولون بأنها صدرت، ومرة يقولون بأنه لم يجدوا طائرات تكون مناسبة لذهابنا من طرابلس لتونس للرياض بعد أخذنا التأشيرات من تونس، ومرة وجدنا من يسهل تلك الأمور ومن ثم كنا سنركب طائرتين في نفس اليوم، ومرة يقولون بأنه الوقت قد ضاق، ومرة يتذكرون بأن الحفل في المساء فيمكن أن نصل صباحًا، ومرة أخرى لم نجد طائرات، لو كان جهد البحث الذي كان في النهاية قد بُذِل في البداية لكنت قد ذهبتُ وانتهى الموضوع، فلم يحدث من الرحلة، وأنت أنظر بنفسك بين كل “مرة” كيف تقلبت المشاعر، أمل بعد يأس ويأس بعد أمل وأمل بعد يأس إلى أن وصلت لحزن دام أسبوع أو أكثر على ما مضى، على ما حلّ بالنفس.

دراستي تدهورت، وانقلبت من الدراسة بالانتظار إلى الدراسة بالحزن والخيبة والضجر، فأي دراسة لي شغف فيها وأنا لا زلتُ لم أستوعب ماذا حصل؟، ولكن المستوى الدراسي بصفة عامة بقي ثابتًا – الحمد لله-، وأحد أسباب عدم حدوث تلك الرحلة هي هذه الدولة التي أنا فيها الآن فلولا وزاراتها الفاشلة وعلاقتها الفاشلة بالسعودية ما كان لذلك أن يحدث. إلى أن شاهدتُ الحفل مباشر عبر تويتر، تخيل ذلك، أنا لا زلت لم أتجاوز تلك المرحلة، والآن أشاهد المكان الذي يمكن أن أكون فيه والناس الذين من المفترض أن أكون بينهم، فاشتعل ذلك الشعور الذي تعبت من تكراره، حتى تقول تلك المذيعة والآن مع دولة ليبيا الطالب جلال اللافي.

الموضوع بأصله هو تكرار ذلك اليأس، فلو من الأول كنا نعرف أنه لن نسافر، لكان أخف على النفس، ولكن بعد كل خيبة يعطون أملًا قصيرًا، رفيعًا، سريع الانقطاع، فانقطع عند كل مرة، فلم الأمل إذًا؟

(الصورة البارزة من إنتاج الذكاء الاصطناعي، وهي تعبر عن سهمين، يلاحق كل منهما الآخر، أحداهما الأمل والآخر اليأس.)

سنة 2023

أحداثٌ ما بعد أحداث، ماذا تمنيت؟ وماذا حققت؟ في سنة 2023.

بداية هذه السنة كانت بالنسبة لي بداية عادية، كنت في السنة الثانية من الثانوية، ولكن هذه البداية لم تكن بداية بل انتظار، وشوق المنتظر، وجمال المنتظر، والخوف من قبحه، وأن يكون غير المراد، ولكن انتظار ماذا🤔؟

هذا أفضل جزء في هذه السنة ( منور السنة )، وبما أن أفضل جزء إذن صار المراد، وانكشف المنتظر، واتضحت النتائج، في نهاية السنة السابقة “2022” كنت قد سجلت في مسابقة دولية، يمكن أن يشترك فيها كل من كان من الأوائل في الصف التاسع، ويشترك فيها كل من أكمل الصف التاسع وداخل للسنة الأولى ثانوي، ولكل بالنسبة لليبيا يشترك فيها كل من خرج من السنة الأولى ومقبل على السنة الثانية ثانوي، وهذا يعتبر خطأ فادح، لأن هذه المبادرة تحوي برامج بعضها يشترط لكل من يريد الاشتراك بها أن يكون مقبل على السنة الثالثة ثانوي، ونحن الليبيين في ذلك الوقت نكون على أبواب الجامعة، هذه المبادرة تنتمي لمؤسسة الملك عبد العزيز ورجاله “موهبة” في السعودية، يقومون باختبار قياس قائم على النشاط العقلي وهكذا، يعني ليس منهجيًا، وثم من كل دولة يتم إظهار صاحب الترتيب الأول وبعد شهر يتم إظهار جميع النتائج.

والاختبار يكون عن بعد بمراقبة عالية سواء من كاميرا والميكروفون، لِحد التحكم في الجهاز الحاسوب ومعرفة البرامج المفتوحة، وهذه المراقبة الشديدة تشرط مواصفات محددة لنظام الجهاز، ولي مع الجهاز مغامرات لا يصفها الكلام، وكأنني في مسلسل بطله يقوم بحركة بطولية في النهاية ويكون هو المُنتصر.

نتائج المسابقة تكون على مستويات من الأعلى إلى الأقل ( موهبة استثنائية، موهوب، واعد بالموهبة )، وكُل مستوى له مميزاته، فالمستوى الأعلى يتحصل على دورة في مجال يحدده في السعودية، وتكون لمدة ثلاثة أسابيع في جامعة الملك سعود في الرياض، وكل المصاريف تتكفل بها المؤسسة.

تبدأ البداية من معرفتي لهذه المسابقة والمبادرة قبل سنة من تسجيلي بها، عرفتها من أشخاص كانوا قد سجلوا بها، وفي تلك السنة كانت أول انطلاق ودورة لها في ليبيا، سجلوا الطلاب وظهرت نتائجهم، وتحصلوا على دورات وسافروا إلى السعودية، وفكرت في عقلي: “إذن الأمر ليس خدعة بل حقيقة وها هم قد سافروا.”

بعد ما تم الإعلان عن رابط التسجيل للدورة الثانية، سجلت وأتممت بياناتي وأنا متردد،
هل أنا قادر على إجراء الاختبار؟ هل سأنجح؟ ماذا لو لم أنجح؟ هل الناس سيقولون عني فاشل؟
وما زادني التفكير إلا وقتًا مهدورًا، وأخيرًا بعد اجتماع رؤساء ووزراء عقلي، فقد قرروا الاتفاق على خوض الاختبار، وحتى إن لم انجح ستكون تجربة عابرة في حياتي، فما هي الحياة بلا تجارب، مثل شاي أو قهوة مرة ( صامتة ) وأمامك الملح والسكر، ولكن لا تعرف أين منهما السكر وأين منهما الملح، هل ستشرب وتتحمل المرارة، أم تخوض في تجربة وتتحمل نتائجها، فالسكر هو نجاح التجارب، والملح هو فشل التجارب، رغم أنه يمكنك تذوقهما قبل وضعهما في الشاي، ولكن اللسان قد يخدع أحيانًا، فهو كذلك العقل يخدعك أحيانًا بأنك لست قادر على خوضها وستفشل.

تشبيه على استعجال، ناقص من نواحي كثيرة، ولكنه جميل ويفي بالغرض.

بعد ما قرر مجلس عقلي الخوض في التجربة، فسجلت وقمت بملأ كل شيء فارغ في الاستبيان، وانتهي الأمر.
بعد فترة بدأت تدور نفس الأفكار في رأسي، وكل يوم الوزراء في اجتماع، ولكثرة اجتماعاتهم نسيت قرارتهم العجيبة.

سكُن الحال، وهدأت الأوضاع العامة، وفي يوم من الأيام تم ضمي لمجموعة على الواتساب تحمل اسم مجموعة الموهوبين 2022، وفي ذلك الوقت، يا عقل اشتعل بالتفكير، ويا قلب زد نبضاتك فأن الشأن قد حان، ولكن إذا ناديت العقل في الامتحانات، ما أتى. ( حتى العقل قعد بالمصالح😁، ومصلحته معي تخريب القرارات )

لا أخفي أن أفكار الانسحاب خطرت على بالي، ولكن مر الوقت ومر التفكير، وجاء موعد الاختبار، كانت تجهيزات الاختبار متعبة وطويلة، تسجيلات وتكملة بيانات وأخطاء من الطلاب والمؤسسة ووو، في تلك السنة لم يكن لدي لابتوب، ولم يكن موجود حولي لابتوب بالمواصفات المطلوبة للاختبار، زاد الإحباط أكثر مما هو زائد، وفكرة الانسحاب بدأت تدق وتحفر في عقلي، ولم أكثرت لهذه المشكلة إلا قبل الاختبار التجريبي ( كان يوجد اختبار تجريبي قبل الفعلي وكان بينهما أسبوع تقريبًا ).
قبل الاختبار بيوم كان يوم الجمعة وتلك الفترة كانت العطلة الصيفية في نهايتها، استيقظت وكأن كل هموم الدنيا قد صُبَت في عقلي وقلبي، وكل ما يقرره ذلك المجلس هو الانسحاب، ويقول “لا فرصة لديك، فكل المشاكل تدل على وجوب انسحابك”، ومن ثم أخبرت عائلتي بأني احتاج جهاز حاسوب، بالرغم من أنه قد أخبرتهم من قبل ولكن بمرور الأيام نسوا، والأمر لم يكن بالشيء الكبير أي بمعنى أنها مسابقة وفقط، وأنا ألتهيت عن البحث عن الحاسوب المطلوب.

مرت الساعات ولا نتائج من البحث، تحدثت مع مسؤولي المسابقة، وأخبرتهم بأنه ليس لدي جهاز حاسوب بنفس تلك المواصفات المطلوبة، ويردون عليّ لا تستسلم وأبحث وستندم إن لم تقم بالاختبار، ذهبت إلى الجيران وفكرنا في كل الأشخاص الذين نعرفهم، وأخيرًا وجدنا ابن جار لنا وهو قريبنا لديه حاسوب يحمل المواصفات المطلوبة، وكان ذلك في الليل، ومن ثم أتي لبيتنا ومعه حاسوبه حتى أقوم باختبار المواصفات عليه ( كان يوجد اختبار مواصفات للحاسوب فمثلًا يفحص الكاميرا والميكروفون والنظام وغيرها )، بدأت بفعل الاختبار عليه، أولًا بالنظام وتم تأكيد المواصفات، ومن ثم الميكروفون فجربت التحدث وكان الصوت مسموع وأصابعي من التوتر ومن خوف عدم نجاح المواصفات كانت ترتعش على أزرار لوحة المفاتيح، فالاختبار كان يدقق جدًا على المواصفات، ووصلنا لاختبار الكاميرا،
قلت للجار ؛ “أين الكاميرا” وكان حولنا أخوتي وابن عمي، فقال الشركة دائمًا تقوم بتغطيتها، وأنا اختبر الكاميرا والاختبار يقول لا يوجد كاميرا، وأجرب ويقول لا يوجد كاميرا، وأجرب مرة أخرى وكاد المفتاح يقول: ” اكتفيت ارحمني”، وفي الآخر اكتشفنا أن الجهاز لا يوجد به كاميرا.

ومن ذلك الوقت قرر الوزراء في عقلي الانسحاب الرسمي من الاختبار، ولكن فجأة قام ابن عمي ( لديه حاسوب ولكن لا يحمل المواصفات المطلوبة) بالاتصال بصديقه كي يعرف مواصفات جهازه، وانتهى الاتصال وأنا أنتظر بشدة سماع أمل أخير، قد يوقف تلك الأفكار التي لم أستطع تحملها، وأخيرًا نطق وقال: “لديه الجهاز المطلوب وبه كاميرا”، وفي تلك اللحظة كان قلبي لا يعرف هل يفرح أم يزداد توترًا لأني سأختبر وأي شعورًا سيحل به؟
وكان بيته بعيد عن بيتنا كثيرًا، ولكن ذهبنا رغم سواد الليل وكأن الباقي فرحوا معي، وكُلنا ذهبنا وأخذناه وقمت بالاختبار وكان مناسب للاختبار، وثم ذهبت للنوم، ولا أدري هل هو نوم أم أفكار انقلبت أحلام، وكوابيس غريبة، وكان نومًا حتى الغرابة تبرت منه، واستيقظت وقمت بالاختبار وكان شبه سهل لأنه تجريبي، وبعد أسبوع انتهيت من الاختبار الفعلي وبدأ انتظار ظهور النتائج، وكيف سأصف لكم فرحة انتهاء هذا التوتر والتفكير الذي كان يعيش معي، بل كان يتحكم في عقلي شهرًا وربما شهور، وأخيرًا انتهي ذلك الاختبار.

طال الانتظار والنتائج لم تظهر، في كل شهر يقولون هذا الشهر إلى إن ظهرت في شهر فبراير من هذه السنة، هناااا الأكثر حماسًا في هذه السنة، في رحلة البحث عن الجهاز وكذلك قبلها، كُنت عضو في منظمة مجالها التقنية وكنت في فريق روبوتات ضمن هذه المنظمة، صراحةً قدموا لي مساعدات من ناحية توفير الجهاز ولكن كنت غير موافق، أو ربما كنت أتكاسل على أخذها معي وأن اهتم بها، وكنت لا أعلم هل تناسب المواصفات أم لا؟

بالنسبة لقصة الفريق، فأنه يوجد منظمة أمريكية تسمى FIRST، هذه المنظمة تشجع الشباب على إنشاء فريق روبوتات، ويكون هذا الفريق مُنتمي لها، أي تحت مسئوليتها، وفي كل سنة يتم إطلاق موسم يتمحور حول فكرة معينة، إذ يتم على أساسها بناء الروبوت، وبعد فترة حوالي 3 شهور تكون هناك مسابقات في ملاعب مخصصة حسب فكرة الموسم، أولًا تكون محلية والذي يفوز ينتقل إلى مسابقات إقليمية ومن ثم دولية، والدولية تكون في أمريكا، هيوستن.

غير هذه المسابقات والتصفيات يوجد جوائز أخرى كأفضل قائد فريق، وأفضل طالب، وأفضل فيديو ( هم يعطونك موضوع ويطلبون منك فيديو حوله بحيث تكون مدته دقيقة وشروط أخرى )، وغيرها، يعني كُل المجالات متضمنة وليس حول الروبوت فقط.

بدأنا الموسم بحماس، وخاصة فريق البرمجة ( الفريق من الداخل مُقسم لثلاث فرق فرعية: بناء، برمجة، وميديا )، وفي تلك الفترة أنا كنت قائد فريق البرمجة، كمية المعلومات والخبرات ومواجهة الضغوطات التي اكتسبتها من الفريق لا تُقدر، فقد كان حد فاصل بين شخصيتين متغيرتين تمامًا.

بدأنا بالبحث والتعلم، وكُل فريق كان يبحث في مجاله، إلا أن فريق البرمجة كان الأكثر نشاطًا، ولكن هل تعرفون أين الشيء الجميل في الموضوع؟
إنشاء فريق يكون باشتراك في كل موسم، ولكن فرق ليبيا مجانًا، وهذا شيء ساعد في نمو الفرق في ليبيا، الآن يوجد حوالي 100 فريق فيها، والشيء الأجمل أن هذه الإنجازات ناتجة من أعضاء معظمهم ذو عمر تحت 18 عامًا.

حتى حدث مشكلة في فريقنا، ولم نستطع الذهاب لمكان المسابقة المحلية لأسباب كثيرة، وأهمها بعد المكان عنّا، وهذا ما أدى لتلاشي الفريق، لا تحزن لم نفترق🥲.
فنحن شباب أولو عزم، أنشأنا فريقًا آخر، الفريق الأول كان تحت منظمة خاصة، أي كنّا فريق خاص أو ما يعرف بالفريق المدرسي، وسبب التفرق هو نظام هذه المنظمة، وأما الفريق الجديد حر، ليس تحت نظام مجلس أحد، وكذلك ما يميز فرق ليبيا، أن المنظمة الأمريكية وضعت منظمة في ليبيا اسمها “lybotics” لتكون حاضنة لكل الفرق الليبية، حتى يتم التواصل بين الفرق والمنظمة الأمريكية بسهولة عبر هذه المنظمة الحاضنة.

ولكن بالنسبة لي انسحبت من الفريق لأسباب مقنعة وغير مقنعة، أي بين البينين، ولكن -إن شاء الله- سأعود مرة أخرى.

في إحدى الأيام عندما كنا في الفريق الأول، أي قبل المشكلة، جاء موعد اختيار عضو من أعضاء الفريق ليشارك في جائزة أفضل طالب ضمن الجوائز التي تقدمها المنظمة الأمريكية، والفائز يتحصل على منحة في إحدى الجامعات المرموقة، فأشارت معظم الأسهم عليّ، وكان يجب على قائد الفريق ملأ استمارة تحمل معلومات عني، وكان المشارك من كل فريق يقوم بمقابلة مع حكام هذه الجائزة من أمريكا ( عن بعد طبعًا )

ها قد أتى يوم المقابلة مع مسؤولو تلك المنظمة على برنامج zoom، وكان ذلك الأسبوع إجازة نصف السنة، وما زاد الجمال جمالًا إن المقابلة ستكون الفجر، قلت أكيد سأنام في نصف المقابلة😂.
وكان معي في المقابلة قائد فريقي، وياااا لتوتر ليلة ذلك اليوم، حتى الأحلام كان لها دور، وكان كل همي أن تنتهي تلك المقابلة، وأقبل الفجر وجهزت الهاتف والسماعات وأغلقت الغرفة، وبدأت المقابلة طبعًا مع مترجم، كان لساني يتمتم قليلًا، وبدأ الحكام بتوجيه سؤال بعد سؤال، ما أكملت إجابة حتى جاء بعدها سؤال، وكانت كالمطر يسقط على رأسي ولا يتوقف، القدم تبدأ بالاهتزاز، فعندما يسأل أحدهم ويترتر كلام ويكدسه فوق بعضه تنفتح عيناي أكثر، “ما هذا السؤال الطويل؟!”، ويترجم المترجم ذلك وأحاول استيعاب ذلك السؤال، وما أن أتت الإجابة في عقلي لم أعرف كيف أصيغها وأجعلها تنتقل للساني وينطقها، وها قد انتهت ومن شدة فرحة الانتهاء لم أنم حتى ظهرت الشمس وأتى الصباح ويا له من صباح😁، ولكن إن أعيدت المقابلة مرة أخرى لكنت صريح وواثق، وهذه من ضمن نتائج دخولي للفريق والآن يمكن أن أكون مُقدم لملتقيات في مدرستنا أو أي شيء يتعلق بنشاط مشارك فيه، ولكن مع ذلك مضت المقابلة على خير ولكن كنت متأكد أنني لن أفوز بها، فهذه الجائزة تكون بتصفيات، وآتى يوم الإعلان وفي ذلك اليوم كنا قبلها بأسابيع قد خرجنا من الفريق والمنظمة بسبب تلك المشكلة ولكن مازلنا لم ننشئ الفريق الجديد، وكان الإعلان في العاصمة طرابلس في نفس يوم التصفيات الإقليمية، والاسم المُعلن هو الشخص الذي سيمثل ليبيا، وكما توقعت ليس أنا، ولكن كان هناك شيئين جميلين لم يجعلاني أشعر بالخيبة.

الشيء الأول هو فوز قائدتنا بجائزة أفضل قائد، وكانت تستحق أكثر من ذلك.

والشيء الثاني هو بأن نتائج المسابقة ظهرت قبل ذلك اليوم بأسبوعين، وحصلت على الترتيب الأول على ليبيا، وأنا كنت مصمم ألا أشترك، وحتى المسؤولين لم يعتقدوا بأن الشخص الذي قال سأنسحب ها هو اليوم نجح، وهنا لم تنتهي القصة فالقصة التي كادت تقترب من الخيال كانت بعد شهر من ظهور النتيجة، وأيضًا الإعلان كان لصاحب الترتيب الأول فقط، أي يعني أن باقي الطلاب لم يتم الإعلان عنهم بعد، فنتائجهم كانت بعد شهر من ظهور نتيجتي، أي في وقت تلك القصة الخيالية، وتلك المقابلة التي كانت في الفجر لها علاقة جميلة بإعلان نتيجتي، فربما يفصلهم عن بعضهم يوم وليلة🖇️🌌.